يعتبر البحث العلمي للأغراض المدنية والمجتمعية، أحد أهم المعايير المستخدمة، لقياس مستوى التطور العلمي والتكنولوجي في مختلف المجتمعات. فتوظيف نتائج البحث العلمي والابتكار التكنولوجي، لتلبية احتياجات المجتمع والاقتصاد، يعد مؤشرا على مدى التقدم، الذي حققه مجتمع ما، على درب مجتمع واقتصاد المعرفة. فالتوظيف الجيد للنتائج البحث العلمي والابتكار التكنولوجي، يعد الضمانة الأساسية في القرن الحادي والعشرين، لاستمرار معدلات النمو الاقتصادي، وتوليد دخول جديدة، وخلق فرص عمل، وتحسين مستوى المعيشة، وزيادة تراكم الثروات، والحفاظ على الموارد للأجيال القادمة، بما يضمن في النهاية رخاء ورفاهية المجتمع. في هذا السياق، نذكر أن الدول المتقدمة تقوم بتخصيص في المتوسط 2.5% من ناتجها المحلي الإجمالي (دخلها القومي)، لأغراض البحث العلمي والابتكار التكنولوجي. كما يقوم القطاع الخاص وبتوفير أكثر من 80% من المخصصات المالية الموجهة لقطاعات البحث والتطوير. في حين أن هذه النسب تنخفض تماما في المنطقة العربية، التي لا تتعدى فيها ميزانية البحث العلمي 0.03% من ناتجها القومي، وتغيب تقريبا مساهمة القطاع الخاص العربي في عمليات تمويل البحث العلمي في المنطقة العربية، نتيجة استسهال القطاع الخاص العربي استيراد التكنولوجيا من الخارج، دون الاهتمام بالمساهمة في إنتاجها، أو إنتاج جزء منها، مع خلال تمويل الباحثين والمخترعين والمؤسسات الأكاديمية البحثية العربية.
وبما أن البحث العلمي يحتاج إلى دعم وتمويل مادي مستمر، وذلك لتغطية نفقات الموارد البشرية والفنية اللازمة، إلى جانب توفير العقل المبدع، المنتج للأفكار الابتكارية الخلاقة، المقدمة حلولا تكنولوجيا، ذات مزايا تنافسية في السعر والجودة، للمشاكل التي تواجهة المجتمعات العربية، عبر البحث العلمي والابتكار التكنولوجي، الذي لا يحظى بالاهتمام الكافي من قبل صانعي القرار والقطاع الخاص. أدى كل هذا إلى ظهور حاجة ماسة، لاستحداث قنوات جديدة، تضم القطاعين الحكومي والخاص معا، لتمويل ودعم مشاريع البحث العلمي في الدول العربية.
لذا، تركز المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، منذ تأسيسها على بذل الجهد لدعم وتسهيل تقدم البحث العلمي، الذي يخدم مجالات التنمية في المنطقة العربي. وانطلاقاً من هذا الهدف، أطلقت المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا برنامجاً لتمويل البحوث العلمية. ينفذ البرنامج، تبعاً للأولويات والخطوط العريضة، التي تضعها إدارة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا. ويتم تقييم وتحكيم جميع المقترحات العلمية المتنافسة، من قبل لجان تحكيم، تضم خبراء ذوي شهرة عالمية، ومستوى رفيع في مجالات تخصصاتهم، معتمدين على عامل الكفاءة العلمية، للترشيح النهائي للمشاريع التي سيتم تمويلها.